بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
إنه أسامة بن زيد رضي الله عنهما وكان سنه ثمانية عشر عاماً ، وذلك في شهر صفر سنة 11 هـ جهز النبي صلى الله عليه وسلم، جيشاً كبيراً كان من ضمنه سيدناعمر بن الخطابرضي الله عنه، وغيره من كبار الصحابة رضيالله عنهم، وأمَّر عليهمأسامة بن زيدرضي الله عنه ، وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاءوالداروم من أرض فلسطين.
فخرج الجيش ونزلوا الجرف على بعد فرسخ من المدينة بسببمرض النبي صلى الله عليه وسلم، وبدأت الأخبار المقلقة ترد من المدينة عن اشتداد مرضالنبي صلى الله عليه وسلم، فاضطر الجيش إلى التريث حتى يعرفوا ما يقضي اللهبه.
وشاء الله تبارك وتعالى أن يلتحق النبي صلى الله عليه وسلم بالرفيق الأعلىبعد ذلك بأيام، ولما توفي النبي صلى الله عليه وسلم، عظم الخطب، واشتد الحال، وظهرالنفاق بالمدينة، وارتد من ارتد من أحياء العرب حول المدينة، وامتنع آخرون من أداءالزكاة، وصارت الجمعة لا تقام في بلد سوى مكة والمدينة.
فلما وقعت هذه الأمورأشار كثير من الناس على سيدناأبي بكر الصديقرضي الله عنه أنلا ينفذ جيشأسامةللحاجة إليه فيما هو أهم، فامتنعأبو بكر الصديقرضي الله عنه من ذلك، وأبى أشد الإباء،وقال: والله لا أحل عقدة عقدها رسول الله صلى الله عليه وسلم،ولو أن الطير تخطفنا والسباع من حول المدينة، ولو أن الكلاب جرت بأرجل أمهاتالمؤمنين لأجهزن جيش أسامة.
وكان خروج ذلك الجيش من أكبر المصالح ، فمامروا على حي من أحياء العرب إلا أرعبوا منهم، وقالوا: ما خرج هذا الجيش إلاوالمسلمون في قوة ومنعة، وكان ذلك سبباً في رجوع كثير من القبائل إلى الإسلام، فغزاالجيش بلاد الروم وانتصروا، وأقاموا مدة ثم رجعوا سالمين غانمين.